responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 125
ذَلِكَ وَتَكُونُ حَالُهُمْ حَالَةَ مَنْ يَكْفُرُ بِاللَّهِ وَتَجْرِي عَلَى أَقْوَالِهِمْ عِبَارَاتُ السُّخْطِ وَالْقُنُوطِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ رُجَّازِ الْأَعْرَابِ إِذْ أَصَابَ قَوْمَهُ قَحْطٌ:
رَبَّ الْعِبَادِ مَا لَنَا وَمَا لَكَ ... قَدْ كُنْتَ تَسْقِينَا فَمَا بَدَا لَكَ
أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ لَا أَبَا لَكَ فَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوب فِي فَرَأَوْهُ عَائِدٌ إِلَى أَثَرِ رَحْمَة الله [الرّوم: 50] وَهُوَ الزَّرْعُ وَالْكَلَأُ وَالشَّجَرُ. وَالِاصْفِرَارُ فِي الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ مُؤْذِنٌ بِيُبْسِهِ، وَسُمُّوا صفارا بِضَم الصَّاد وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ: دَاءٌ يُصِيبُ الزَّرْعَ.
وَالْمُصْفَرُّ: اسْمُ فَاعِلٍ مُقْتَضٍ الْوَصْفَ بِمَعْنَاهُ فِي الْحَالِ، أَيْ فَرَأَوْهُ يَصِيرُ أَصْفَرَ، فَالتَّعْبِيرُ بِ مُصْفَرًّا لِتَصْوِيرِ حِدَثَانِ الِاصْفِرَارِ عَلَيْهِ دُونَ أَنْ يُقَالَ: فَرَأَوْهُ أَصْفَرَ.
وَظَلَّ: بِمَعْنَى صَارَ، والإتيان بِفعل التصيير مَعَ الْإِخْبَارِ عَنْهُ بِالْمُضَارِعِ لِتَصْوِيرِ مُبَادَرَتِهِمْ إِلَى الْكُفْرِ ثُمَّ اسْتِمْرَارِهِمْ عَلَيْهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَغْلِبُ الْكُفْرُ عَلَى أَحْوَالِهِمْ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْأَفْعَالِ الثَّلَاثَةِ مَاضِيَةً لِأَنَّ وُقُوعَهَا فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ يَمْحَضُهَا لِلِاسْتِقْبَالِ، فَأُوثِرَتْ صِيغَةُ الْمُضِيِّ لِأَنَّهَا أَخَفُّ وَالْمُتَكَلِّمُ مُخَيَّرٌ فِي اجْتِلَابِ أَيِّ الصِّيغَتَيْنِ مَعَ الشَّرْطِ، مِثْلَ قَوْلِهِ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ [الْإِسْرَاء: 88] بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ لِأَنَّ الْمَقَامَ لِلنَّفْي بِ لَا وَهِيَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَاضِي الْمُسْنَدِ إِلَى مُفْرَدٍ إِلَّا فِي الدُّعَاء.
[52- 53]

[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 52 إِلَى 53]
فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53)
الْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ عَلَى قَوْلِهِ لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ [الرّوم: 51] الْمُفِيدُ أَنَّ الْكُفْرَ غَالِبُ أَحْوَالِهِمْ لِأَنَّهُمْ بَيْنَ كُفْرٍ بِاللَّهِ وَبَيْنَ إِعْرَاضٍ عَنْ شُكْرِهِ، أَوِ الْفَاءُ فَصِيحَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَلَامٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ إِنْ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ وَسَاءَكَ اسْتِرْسَالُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ فَإِنَّهُمِِِِْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست